ولدت الصغيرة لوتيه في هولندا بخلل خطير في القلب. وبعدما تم إدخالها سريعا إلى مركز متخصص في علاج القلب في برلين، تمكن اختصاصيو القلب الألمان من إجراء عملية قلب مفتوح لإنقاذ حياتها – بدون الحاجة للاستعانة بدم  منقول من متبرعين.

lotte infant heart surgery

اكتشفت السيدة الهولندية مارجريت ويرزما-فروليك في الأسبوع العشرين من حملها أن ابنتها، لوتيه مصابة بمتلازمة داون، بالإضافة إلى إصابتها بتلف في الحاجز القلبي الأذيني البطيني، وهو عيب خلقي يظهر مع الولادة ويتسبب في ظهور ثقب في إحدى الجدران الفاصلة بين حجيرات القلب.

"في البداية، كانت صدمة كبيرة بلا شك، ولكننا تقبلنا الأمر سريعا. لقد كان لزاما إجراء الجراحة لعلاج التلف في قلب لوتيه- ولكن كان يجب أن تنتظر عدة أشهر بعد ولادتها، هكذا أخبرنا الأطباء"

قرر والدا لوتيه إحضارها إلى مركز ألماني متخصص، وهو المركز الألماني للقلب في برلين DHZB لإجراء الجراحة، على الرغم من الرحلة الطويلة التي احتاجا لقطعها (700 كيلومتر). " لقد اعتقدنا أن لوتيه تحتاج إلى إجراء الجراحة خلال أشهر قليلة وأننا نملك الوقت لإعداد أنفسنا للرحلة" هكذا قالت مارجريت.

جراحة طارئة في يوم ولادتها

ولكن شيئا آخر قد حدث، بعد مولد لوتيه مباشرة في هولندا، بات واضحا أن العيب الخلقي في القلب كان أسوأ كثير من التوقعات. لقد كان الشريان الأورطي، وهو أحد الشرايين الرئيسية, متضررا ، وهو ما يعني أن جسد لوتيه لا يكاد يتلقى أي قدر من الأوكسجين .

حدث كل شئ على نحو سريع ومفاجئ. في اليوم الأول من عمرها، أدخلت لوتيه سريعا إلى المركز الألماني للقلب. وسارع فريق من الأطباء الألمان لإنقاذ حياتها. ولكي تتعقد الأمور أكثر، كان يجب إيقاف قلب لوتيه خلال الجراحة ووضعها على جهاز القلب والرئة الصناعيين للحفاظ على تدفق الأوكسجين إلى جسدها. كان يجب أن يتم تعبئة الجهاز مسبقا قبل إجراء الجراحة- وإلا سيضخ هواءا إلى جسدها بدلا من الدم.

في السابق، كانت تلك العمليات تتطلب نقل الدم من متبرعين، وهو ما ينطوي عادة –برغم كافة المحاذير والمراقبة – على مخاطر نقل العدوى أو رفض الجسد للدم المنقول.

ولكن في هذه الأيام، يتم استخدام محلول من الأملاح بديلا عن الدم المنقول من متبرع. وهو ما يتسبب في تنحيف الدم، وهو أمر غير مضر في المرضى البالغين. و لكن مع حديثي الولادة والأطفال الصغار، يمكن أن يتسبب هذا الأمر في آثار أكثر خطورة، ففي هذه الأجساد الصغيرة، تعتمد الدورة الدموية على مئات قليلة من الملليمترات من الدم. في مثل تلك الحالات، يجب تعبئة الجهاز بالدم المنقول من متبرع، بالرغم من المخاطرالمحتملة.

مركز القلب الرائد في ألمانيا

لقد تأسس المركز الألماني للقلب في برلين في عام 1986, ويعد واحدا من أهم المراكز المتخصصة في العالم. يضم المركز الألماني للقلب عدة تخصصات حيث يعمل جراحو القلب، أمراض قلب الأطفال، أطباء التخدير وفنيو جهاز القلب والرئة الصناعيين سويا عن قرب بالتعاون مع مطوري الأجهزة، وقد قاموا بهذا الأمر لسنوات عديدة لتطوير تقنيات لاستخدام الجهاز لجعل إجراء العمليات الجراحية على حديثي الولادة دون الحاجة إلى نقل الدم ممكنا. إن هذا المركز يعد واحدا من بين مراكز قليلة حول العالم تستخدم هذا النظام الطبي بشكل منتظم بدون مخاطر تتعلق بالسلامة.

يقول البروفيسور الدكتور جوتشيم فوتياديس، رئيس قسم جراحة قلب الأطفال في المركز الألماني للقلب "باستخدام هذا النظام، لا نقلل من مخاطر العدوى والرفص فحسب، ولكننا نتيح الفرصة لمرضانا للتعافي في وقت أسرع بعد إجراء الجراحة"

الجراحة الناجحة

بعد مرور يومين، تمكن الدكتور فوتياديس وفريق من أخصائيى القلب الألمان من تصحيح الخلل في قلب المريضة الصغيرة. لقد نجحت الجراحة التي استغرقت ست ساعات.

يقول دكتور فوتياديس  "إن قدرتنا على إجراء مثل تلك الجراحة المعقدة بدون استخدام دم منقول من متبرع، إنما هو نتاج سنوات عديدة من العمل الجماعي الذي لم يتوقف" ويكمل الدكتور فوتياديس قائلا " نحن فخورون حقا بأنفسنا"

خضعت لوتيه للمتابعة في المستشفى لعدة أسابيع بعد إجراء الجراحة، على الرغم من تعافيها سريعا. لقد كان بالإمكان صرفها من مركز القلب وإعادتها إلى هولندا مع والديها، حيث كان أشقاؤها الخمسة بانتظارها.